قصة ساحرات سالم


هى محاكمات اتعملت فى قرية سالم فى امريكا سنة 1692 لبنات و ستات اتهموا بإنهم ساحرات ، انتهت المحاكمات بإعدام 19 شخص و موت اتنين فى السجن و واحد وقت التعذيب.مع ان التحقيقات و المحاكمات بتتنسب لقرية سالم Salem Village لكن كان فيه تحقيقات و محاكمات فى مناطق تانيه فى ماساشوسيتس زى أندوفر Andover و ايبسويتش Ipswich و مدينة سالم Salem Town.انتشر الإعتقاد بالسحارات فى اوروبا فى العصور الوسطى و وصل لحالة هوس و هيستيريا فى القرنين الستاشر و السبعتاشر بفضل دعايات الكنيسه و ترويجها للموضوع على نطاق واسع و كانت النتيجه اعدام اعداد ضخمه من الستات عن طريق التعذيب و الحرق فى نواحى اوروبا.مع اواخر القرن السبعتاشر الهيستيريا عدت المحيط الاطلنطى للمستعمرات فى نيو اينجلاند New England فى شمال شرق امريكا و حصلت قصة سحارات سالم اللى بقت قضيه كبيره انتهت بمحاكمات و اعدامات.اهتم الانثروبولوجيين و علماء الإجتماع بالظاهره اللى حصلت فى سالم و اتعملت دراسات كتيره عنها و كتب المؤلف المسرحى ارثر ميلر Arthur Miller مسرحيه عنها سنة 1953 بعنوان " المحنه The Crucible ".القصه بتبين ازاى الأفكار الغلط اللى قايمه على اوهام و غيبيات و مفاهيم ثقافيه و دينيه مغلوطه ممكن تتطور و تحول الناس فى المجتمع لقطيع هيستيرى ما بيفكرش و منساق ورا اشاعات و خرافات.




بدأ الموضوع بهدؤ و اتدرج فى بيت قسيس اسمه " صمويل باريس Samuel Parris " كان رئيس كنيسة القريه. فى بيت القسيس ده كانت بتشتغل خدامه سوده من باربيدوس فى منطقة الكاريبى اسمها " تيتوبا Tituba ". تيتوبا دى كانت بتحكى حكايات و حواديت عن السحارات و خرافات تانيه كانت سمعتها فى باربيدوس ، و إكمن الحكايات دى عجبت بنات من القريه كانوا بيروحوا لها يجتمعوا عندها عشان يسمعوا حكاياتها الغريبه و الشيقه. بعد شويه و بطريقه فجائيه ابتدت بنات من المجموعه يحسوا بإن فيه قوى خارجيه بتسيطر عليهم ، و مع نهاية الشتا ابتدت أعراض عيا غريب تظهر عليهم فكانت الواحده منهم بتتصاب بحاجه زى الصرع و تفضل تصرخ بفظاعه و تعمل حاجات غريبه. بعد ما سمع الناس عن موضوع العيا و انتشرت حكايته فى القريه ابتدا اطفال تانيين يتصابوا بنفس العيا و حست ناس بالخوف من الموضوع و بقوا مش عارفين يعملوا ايه ، و لما مليقيوش حل استدعوا دكتور القريه جريجس ‍‍Griggs. الدكتور جريجس عمل كشوفات و حاول كل حاجه لكن ماقدرش يتوصل لنتيجه و فى الأخر صرح بإن العيا ده خارج نطاق الطب و ان البنات دول اتسحروا. بطبيعة الحال الطب اياميها ما كانش متقدم و معلومات الدكاتره اياميها كانت محدوده جداً.


رأى الدكتور جريجس اتحول للقسيس صمويل باريس عشان يشوفله حل للمشكله ، فنادى القسيس على قسسه تانيين من القرى اللى جنب سالم عشان يناقشوا الموضوع سوا ، و بعد ما عملوا " دراسات و فحوصات " على البنات اتفقوا على ان البنات العيانين دول مسحورين و ان الشر دخل قريه سالم و ان مفيش حل غير التحرك بسرعه لإنقاذ القريه عن طريق استجواب البنات عشان يعرفوا مين اللى سحرهم. كل الحكايات المرعبه اللى سمعها البنات من تيوتوبا خلتهم بطبيعة الحال يقتنعوا بإنهم فعلاً اتسحروا ، و بعد شوية استجوابات و تحقيقات وقع الإتهام على تلت ستات ، المتهمه الاولانيه كانت الخدامه " تيتوبا " ، و ده كان اختيار طبيعى اكمنها كانت على علم " بفن السحر " و غير كده انها كانت غريبه عن مجتمع قرية سالم بوصفها سوده من باربيدوس. المتهمه التانيه كانت " ساره جود Sarah Good " بإعتبارها شمطاء القريه و كانت ست عجوزه بتدخن بايب و بتتمشى فى القريه و نواحيها للشحاته و كانت بتشتم و تلعن اللى مايرضاش يديها حاجه فكانت مكروهه من ناس كتيره اهل القريه. المتهمه التالته كانت " ساره اوسبورن Sarah Osborune " و دى كانت من طبقه اجتماعيه عاليه لكن سمعتها كانت فى الحضيض اكمنها عاشت مع راجل حوالى سنه قبل ما تتجوزه و دى حاجه بالنسبه للكنيسه كانت بتعتبر من الخطايا الكبرى ، و فوق كده كمان انها ما راحتش الكنيسه لمدة اربعتاشر شهر و ده بالنسبه للقسسه كان دليل و علامه واضحه انها مندمجه مع قوى الشر.
تضخم الموضوع






اتعملت جلسة التحقيقات الاولانيه للتلت متهمات ، و جم البنات " المسحورين " الجلسه كشهود لكن قعدوا يصوتوا و يتشقلبوا على الارض فإعتبر كل الموجودين فى الصاله ان التلات متهمات هما المسئولين عن حالة البنات. و فوق كده ، لما المحققين استجوبوا تيتوبا ، على عكس المتهمتين التانيين مانفتش التهمه ، لكن اكدتها و حذرت الموجودين من ان فيه غيرها و غير الاتنين المتهمين معاها ستات كتيره زيهم فى القريه.


بكده بدل الجلسه ما تنهى القصه و تخلص الناس من المخاوف ، اتعقد الموضوع اكتر ، و ابتدى الناس يدوروا حواليهم على " السحارات " التانيين اللى حذرت تيتوبا من وجودهم فى القريه. بالنسبه للبنات " المسحورين " اللى عيوا فدول بقوا اداه مهمه للتدوير على السحارات اللى بيسحروا الناس ، و مع عقد جلسات تانيه انهالت اتهامات جديده من كل النواحى. الإتهامات الجديده ماعادتش محدوده ضد اشخاص منبوذين فى المجتمع لكن بقت كمان ضد شخصيات ليها مكانه كويسه فى القريه. فى ظرف اسبوع من جلسة التحقيقات الاولانيه اتوجهت الاتهامات لـ " مارثا كورى Martha Cory " و بعدين لـ " دوركاس جود Dorcs good " بنت المتهمه ساره جود و دى كانت طفله عندها خمس سنين ، و " ريبيكا نورس Rebecca Nurse " و اخواتها مارى و ساره و دول كانوا ستات معروفين بحسن السيره و اعضاء محترمين جداً فى الكنيسه. فضلت الاتهامات تنهمر و لستة المتهمين تكبر و تكبر و اتملت زنازين سجون المنطقه بالمتهمين ، و زادت الهيستيريا و ما بقتش محدوده فى قرية سالم بس ، و مع الربيع كانت اتنقلت لمدينة اندوفر Andover و المدن المحيطه ، وهنا ابتدت سلطات المستعمره تتدخل.

نهاية الهيستيريا



قررت سلطات المستعمره عقد جلسات محاكمه فى اوير Oyer و ترمينير Terminer لمحاكمة المتهمين على امل ان الناس تطمن و تهدا لكن القرار ماجابش نتيجه و فضلت الناس فى هيستيريا. اكتر من كده ، القضاه اللى اتعينوا لعقد المحاكمات كانوا هما نفسهم مقتنعين جداً بإن البنات الشهود مابيكدبوش و ان اللى بيتهموهم " سحارات " بجد. المتهمين اللى اعترفوا بإنهم سحارات اتسابوا لكن استمروا محجوزين فى السجن و اللى رفضوا التهمه اتعدموا بالشنق. استمر البنات فى توجيه اتهاماتهم ضد اعداد كبيره من الناس ، و ابتدوا يتهموا شخصيات ليها وزنها فى المجتمع ، و بعد ما اتهموا ليدى فيبس Lady Phips مرات حاكم المستعمره و صمويل ويلارد Samuel Willard رئيس جامعة هارفرد و رئيس كنيسة بوسطون ، القضاه شككوا فى التهم و قالوا للبنات انهم غلطانين ، و دى كانت بداية نهاية القصه. مع زيادة الاتهامات ضد اكابر المجتمع ابتدى القضاه و السلطات يشكوا فى كل الموضوع و قالوا ان قوى الشر جايز بتحاول تدبس ناس كويسه زى ما جه فى الانجيل فى قصة صمويل اللى كان قديس ليه شأنه. و مع زيادة الشكوك الحاكم فيبس William Phips وقف عمل محاكم اوير و ترمينير فى اكتوبر ، و افرج عن عدد من المتهمين المسجونين ، لكن ساب اكتر من 150 متهم فى السجن و اتضاف ليهم 200 شخص.


فى ديسمبر الحاكم فيبس قرر تدخيل المحكمه العليا فى القضيه لمحاكمة بقية المتهمين المسجونين. من اتنين و خمسين اتقدموا للمحاكمه اتدان تلاته بس و ده كان تطور مهم لإن لغاية اللحظه دى ما كانش فيه حد تمت تبرئته. الحاكم فيبس لغى الحكم على التلاته و معاهم خمس كانوا اتدانوا قبل كده ، و بعدين أصدر عفو عام على بقية المتهمين و افرج عن المحتجزين ، و دى كانت نهاية صيد السحارات و السحارين فى سالم.


مأساة محاكمات السحر فى سالم استمرت اكتر من سنه و فى الفتره دى اتعدم تسعتاشر شخص بالشنق منهم اربعتاشر ست و خمس رجاله ، و مات اتنين فى السجن. جيليس كورى Giles Cory اللى رفض الكلام وقت التحقيق معاه اتقتل تحت الصخر اللى حطوه عليه كوسيلة تعذيب للإعتراف. بكده كان مجموع الضحايا اللى ماتوا فى الهيستيريا اتنين و عشرين.

دراسات و تحليلات


دراسات كتيره اتعملت عن الحاله الهيستيريه اللى سادت قرية سالم فى اواخر القرن السبعتاشر. تحليلات سياسيه و اجتماعيه و نفسيه و حتى طبيه اتعملت للوصول لفهم ايه اللى حصل. بطبيعة الحال من الصعب الحكم على مجتمع عاش من حوالى 300 سنه بمفاهيم حديثه ( غربيه ) لكن رغم كده فوقائع الاحداث اللى حصلت فى سالم بتعتبر غريبه بغض النظر عن حصولها فى أى عصر.


من الحاجات اللى ميزت قرية سالم و مستعمرة نيو اينجلاند بوجه عام هو توغل الفكر الدينى فى المجتمع و سيطرته على فكر الناس. المجتمع البيوريتانى كان مجتمع مسيحى متطرف بتتحرم فيه حاجات كتيره على الكبار و الصغار. مثلاً الموسيقى و الرقص و الغنا كانوا من المحرمات و الغنا الوحيد اللى كان مسموح بيه كان الترانيم الدينيه. بالنسبه للأطفال كانت اللعب و بالذات العرايس متحرمه و من الموبوقات. التعليم الوحيد اللى كان موجود فى القريه كان دراسة الانجيل و كان مفروض على كل شخص فى القريه انه يروح الكنيسه و يحضر اجتماعات اسبوعيه. مكانة الستات و البنات فى المجتمع الدينى ده كانت منحطه و أقل من مكانة الراجل. التقاليد الدينيه البيوريتانيه كانت بتحتم على الستات انهم يكونوا خدم للرجاله و كانت بتروج لإن الستات " بطبيعتهم " بينساقوا ورا الغرايز و الأعمال الشريره ، و طبعاً البنات الصغيرين بوصفهم من جهه اطفال و من جهه تانيه اناث كانوا فى احط درجه اجتماعيه و ماكانش مسموح ليهم انهم يتعلموا حاجه غير الخياطه و الطبخ و الأعمال المنزليه عشان يخدموا الرجاله لما يكبروا و يتستتوا ويخلفوا لهم عيال.


معظم اللى اتهموا فى قضية سحر سالم كانوا ستات و بيتلاحظ كمان انهم ماكانوش متجوزين أو كانوا أرامل عندهم اراضى ورثوها من جوازهم المتوفيين و " مالهمش ضهر يحميهم ". القوانين كانت بتسمح بإنتقال الملكيات للسلطات الحاكمه فى حالة عدم وجود وريث فبطبيعة الحال ، زى ما كان الحال فى صيد السحارات فى اوروبا ، كان صيدهم و التخلص منهم فى المستعمرات مصدر من مصادر الثروه للسلطه.


مجتمع سالم كان مجتمع زراعى قايم على ملكية الأرض و زراعتها و تربية المواشى ، و ده كان مصدر للمشاكل بين العائلات و بالذات وقت حصول الأزمات الزراعيه بسبب العوامل المناخيه. الكنيسه كانت بتصور للناس ان الخساير اللى بتحصل فى الاراضى الزراعيه و المواشى على انها عقاب من الرب على ذنوبهم ، فكان طبيعى ان فى وقت الازمات الزراعيه و الاقتصاديه ان الناس تدور على " الشرير " اللى اتسبب فى نزول غضب الرب القريه.


المجتمعات اللى بتسود فيها التابوهات الدينيه و الإعتقاد فى الخرافات الغيبيه بينتشر فيها الكبت و الوساوس المرضيه والأمراض الهيستيريه. فيه دراسات طبيه حاولت تعليل الأعراض المرضيه و نسبتها لأمراض كتيره ، لكن المحتمل ان الامراض دى ما كانتش السبب و الأغلب إنها كانت ياإما هيستيريا أو تمثيل كتعويض لحالة الملل اللى كان بيعانى منها الأطفال و التحريمات المفروضه عليهم وسط جو مشبع بالخرافات الدينيه. موضوع الإعتقاد فى السحر و السحارات ما كانش موجود فى قرية سالم بس لكن كان منتشر فى المنطقه حتى قبل ظهور الحاله فى سالم. من ناحيه تانيه سكان سالم و غيرها فى منطقة نيو اينجلاد كانوا مهاجرين من أوروبا اللى ساد فيها الإعتقاد بخرافات السحر و السحارات.


طبعاً الظواهر الاجتماعيه من الصعب ترجيعها لعامل واحد و عادة سبب الظاهره بيبقى عوامل مركبه. من العوامل اللى ممكن تنضاف هى حالة القلق السياسى اللى كانت حاصله فى نيو اينجلاند بسبب العلاقات المتوتره مابين المستعمره و انجلترا ، و فوق كده المنطقه كانت عايشه فى حالة قلق بسبب الحرب اللى كانت قايمه ضد الهنود الحمر.


0 التعليقات to " قصة ساحرات سالم "

إرسال تعليق